طيف عابر: 09_06 -->


كنتُ متعطشاً لتفقد أحوال من أعرفهم و أعاقتنى فترة الاختبارات عن فعل ذلك ..
و ما هى إلا لحظات حتى وجدت أحدهم فتحدثت معه و سألته عن صحتة و أحواله و الى ما هنالك من الاسئله الاعتيادية التى تقال فى مثل هكذا مواقف ..
و كنت أتوقع منه أيضاً أن إجاباتة ستكون أعتياديه كطابع أسألتى

لكن فاجأنى بقوله : كنت فى آمن الدولة :(( !!

قلت له مازحاً : و كانوا عاوزين أيه منك (القريبين) بلاش نقول البعدة :) ؟

و كأن سؤالى كمن ألقى صخرة فى ماءً راكاً فأضحى الماء شلالاً جارفاً ..

فنفجر الرجل وأخذ يتحدث بقوة و عنف و حماسة لم أعتدها منه و وصف الجهاز بوابل من الالفاظ التى يمنع مقص الرقيب لذكرها :(

فقلت له : أقدر موقفك و ما تعرضت له لكن أنا أأمن أننا جميعاً شركاء فى هذا الوطن و نلتحف بسماءهِ .. فلا أحد يستطيع أن يُزايد على حبى له و لا أنا أستطيع أن أنكر حب أحد له .. كما أن الجميع يخدم وطنه من حيث يقف هو ..

قال لى بصوت مرتفع : أحمد ؛ شاهدت أحدهم يتطاول على دين الله وكتابه !!.

قلت له بهدوء-وقلبى ينتفض- : أنه لامر مؤسف سماع ذلك ؛ لكن هب أنك سُرقت ببلدة ما فهل يُعنى ذلك أن كل أهلها لصوص؟!.

قال : وضح .

قلت : أُعنى أن فى كل مكان يوجد الصالح و الطالح و لا يعنى أنتشار الشوك على السطح أن أسفله أقسى منه.

قال لى بسخرية: شكلك طيب أوى.

قلت : نعم لعلى طيب بعض الشئ لكن لستُ ساذجاً.
و أسهبت فى الحديث قائلا : فى رأيي أن بعض من يُحسبون على الدين يسيئون له و لهذا البلد أكثر من غيرهم .

قال بحدة : أتساوى بين الملتزم و غير الملتزم ؟!

قلت : لا بالطبع لكن أنا أُعنى تماماً ما قلته لك .

قال : إذا أفصح .

قلت : هب أن إمرأه (منتقبه) سرقت سيقول العامة من الناس (كل المتقبات لصوص) فى حين أنه إن سرقت أمرأه عاديه أو متبرجه فسيقولون فقط (إمرأه سرقت) .

لاحظت أن حاجباه قد اتقربا كثيراً من بعضهما ليكونا رقماً يستطيع المرء قراءته بوضوح ..

فأردفت قائلاً :أنا لا أُعنى أبداً المتزمون أو أصل الاتزام و لا يُفهم من كلامى أنى ضد النقاب أو أطلاق اللحية لانى أأمن أنهما يشكلان مع غيرهما سمات المسلم و أن مع من يرى وجوبهما فى هذا الزمان ..
لكنى حقيقة الامرفأنا ضد من ترتدى النقاب لتسرق و تزنى أو من يُطلق لحيتة لينصب بل أرى أنهما أشد جُرماً من غيريهما لانهما حقاً يسيئا للدين.

فجأنى بقوله : أنت شكلك (جبان) و (دبوس) يُعنى (ديوس)!!

قلت له : سأتقبل الامر منك تقديراً لما تمر به من تجربه أملاً ألا يتكرر الامر ثانيه و تذكر جيداً أنى نعم أسامح و أغفر لكن أبداً لا أنسى .

أعتذر قائلا : أنا قصدت قولى السابق بأنك طيب أو لعلك لم تتعامل مع هذا الجهاز من قبل !!

قلت له : نعم لعل ذلك لم يحدث حمداً لله لكنى أيمانى بالله بأنه علىَ و لا أحد فوقه و قوي ولا أحد أقوى منه و رؤوف رحيم ، ثم أن تقديرى لنفسى و نظرتى لها بأحترام يُجبر الاخرين على فعل ذلك أيضاً .

قال لى بغضب : هؤلاء لا يقدرون أحد و لا يحترمون إنسان ؟!

قلت له : من تقصد بهؤلاء؟! هؤلاء من تتحدث عنهم لن يخرجوا عن أبى أو أبوك أو أخى أو أخوك أو لعله بلا شك أحد أقاربنا أو نسايبنا أو معارفنا .. أو لعلك أتظن -خطأ-أننا يحكُمنا غيرنا؟! كما أن الضمير مزروع فى وجدان كل إنسان يسلطه الله على من يشاء ..

صمت طويلاً و أنتهزتها فرصه لأستأذن منه لعله يستريح.

ستااااار.

نعم ستار لان ما قلته سلفاً ليس حقيقاً كله أى أنه حوار من محض خيالى لكن المؤكد أن ما ذكرته قد داعب مخيلة أحدكم يوماً ما أو راه فى وجه من خاض تجربه قاسية داخل أحد أبنه الامن ..

نعم لعل البعض يظننى أدافع عنهم لكن أنا لستُ حقاً كذلك فهم أولى بالدفاع عن أنفسهم كما أننى أعلم أنهم مثلنا ليسوا ملائكة
و لا يُعنى كلامى أنى ابرر أى عنف قد يصدر فى حق أى مواطن أو أى أنتهاكاً لحريتةُ أو لأمنه و سلامتةِ بل أنى أراه أجراماً يجب أن يُعاقب عليه فاعلة

لكنى هنا اقر حقيقه أننا اليوم أفضل و أن جيلى شهدت من الحريه ما لم يتمتع به غيرنا ..
أعلم يقيناً أن هذا حقى و لكن أعلم يقيناً أنه ايضاً كان حقاً لغيرى لم ينله ..

أعلم أن كلماتى لعلها لن تصل الافاق و لن تغير هذه الصورة السوداء عن اجهزة الامن فى بلادنا لكن كل ما أرجوه أن يعي كل من يقرأ كلماتى أن هؤلاء ضحوا كثيراً لا اقولك فقط من أجلك لكن من أجلنا جميعاً ..

و كن على يقين أن لو أن فرداً أخطأ فان هذا الخطأ يتحمله الكثير ابتداءً من الوالدين و مروراً بالمدرسه و المسجد و الشارع ..

فتعالوا سوياً نمضى فوق الجراح و نطوى صفحه ماضى كئيب أو حاضر مظلم لنفكر فى غداً مشرق بعقولنا و سواعدنا متسلحين بالايمان معتصمين جميعاً بحبل الله فبلادنا أعظم من أن تترك لديرها غيرنا ..

نداء ابعثه الى :

كل ضابطٍ بين كتيبته
عاملاً فى مصنعه
معلماً بين تلامتذته
أم بين بناتها
أب بين اولاده

حاكم كنت أو محكوم

((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والولد راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)).

سبحانك اللهم و بحمدك أستغفرك لا اله الا انت أستغفرك و أتوب اليك.

القاكم قريباً إن شاء الله .

إضغط لتعرف أكثر