طيف عابر: 11_12 -->


لا اتذكر جيداً تفاصيل وجهه و لا تسعفنى الان ذاكرتى لأتذكر منذ متى قابلته لكن اتذكر جيداً كيف كان يبدو و الاهم انى اعرفه نعم انا اعرفه
فهو ليس بالطويل البائن و لا بالقصير و لا بمفتور العضلات ..رياضى ع ما يبدو لكنه نحيف بعض الشئ .. شعره اسود تركت فيه جينات الوراثه شعيرات قليله بيضاء اكسبته لمعه تحت اشعة الشمس ..
هادء الطباع لا تقارق البسمة وجهه .. يمازح الكل .. متحدث لبق ... و الاهم
ان الجميع يشهد ليه بحسن الخلق ..
سكن فقط منذ اسبوعين بمنزل قرب منزلنا

لكن لما يا جدى؟!!

سؤال ابن بنتى قاسم قطع تفكيرى حيث ذهبت به بعيدا اتفكر ف حال هذا الغريب حيث اعصر ذاكرتى لعلنى اتذكره ..

لا عليك يا ولدى .. مجرد سؤال

بادرتة بالاجابه .. فبتسم لي و استأذن و تركنى انا و كتابى خلف شرفتى كعادتى دوما

اما هذا الغريب

فأكثر ما شدنى له انه كان سريع الخطى يبدو دوما كالمتأخر عن ميعاد هام

لفت ايضا انتباهى انه ما مر يوما من امام حديقة منزلنا الا و يرفع عينه ليلتقط لى بنظرة صوره
راسما ع وجه ابتسامه صافيه و كانه يبعث الى من خلف جدران حديقتنا تحياته حيث اجلس خلف نوافذ شرفتى ..

لا ادرى ما الذى جذبنى حقا لهذا الغريب و لما كل تلك المشاعر التى احملها له كانى اعرفه جيدا

قررت أخيراً ان اتحامل ع نفسى و انتظره ف موعد رجوعه لأرسل قاسم ليستأذنه لنشرب سويا كأسه شاى ولعلها فرصه لاتجاذب معه اطراف الحديث لعل ذلك يطفئ انشغالى الدائم فى التفكير به

و كأننا ع موعد

مر بالفعل من امام الحديقه و كان قاسم ف انتظاره و ستأذنه ليتحدث الىَ قليلا
فارسل الشاب نظره خاطفه عبر البوابه فلمحنى فابتسم و قبل الجلوس معى لنشرب كأسا من الشاى سويا

و بالفعل كما وصفه لى قاسم
فلقد كان هادئ الطباع لبق لا تفارق البسمه وجهه
لكن الفت انتابه انه كان قريب منى جدا كمن يحاول ان يحتضننى و يمنعه حياءه من ان يفعل ذلك

و كانت نظرته لى نظره حانيه عطوفه

و لم تمر لحظات حتى استأذن للانصراف و لم يعطنى الفرصه وودعدنى قائلا
اراك قريبا يا ابى

و كانت ام قاسم تراقب حديثنا من خلف زجاج البهو و ما ان ذهب و الا وجدتها بجوارى

اخيرا تحديث اليه يا ابى !!

نعم اخيرا بنيتى

قالت و ما اسمه؟!!

قلت لها نعم؟!

فابتسمت قائله اسمه يا ابى أسمه

قلت لها أنستنى سعادتى بالحديث معه عن سؤاله عن اسمه

قالت لهذه الدرجه؟!

قلت لها لهذه الدرجه ، لا ادرى حقا لما كل هذا الشعور نحوه يا بنيتى

قالت يبدو انه شاب طيب
وتركتى و انصرفت لبعض شئونها

و ما هى الا لحظات حتا دوى ف المكان صوت انصدام قوى تبعه حركه غير عاديه ف الشارع

فنقبض قلبى انقباضة غريبه فرغم ان الشارع بجوارنا كثيره هى الحوادث عليه الا انه لاول مره يباغتنى ذلك الشعور

ذهب قاسم ليتحسس الخبر و عاد مسرعا

يوسف يوسف يا جدى


من يوسف؟!

قال لى هذا الشاب الذى ...
قلت له ماذا حدث يا بنى انطق!!

قال لى صدمته سياره مسرعه و فر سائقها و يبدو انه ف حاله خطره

فسقط من يدى كاسه الشاى التى كنت اشربها معه لم اكملها بعد
و اتجهت مسرعا نحو الشارع كالمجنون نحو صوت الاستصادم

واخترقت الجموع و نظرت فاذا به مسجى ع الطريق وسط بركه من الدماء
و كانه كان ينتظرنى فهز بصعوبه رأسه نحوى و رفع بصره الى فرمقنى ببصره و رسم ابتسامه ع وجه ثم اغلق عنيه

فظننا انه دخل ف غيوبه فساعدنى الحضور ع وضعه داخل سيارتى و اسرعت به الى اقرب مشفى
و ف اثناء الطريق كان يتمتم ببعض ايات القران و ذهبت انا بخيالى اتذكر لحظات قبل قليل كنت معه

و ف المشفى تجمع الاطباء و ما هى الا لحظات حتى فُتحت غرفه العمليات
فيوسف ف حاجه الى عمليه لفقد كسرت اضلعه وخاف الاطباء ان يأثر ذلك ع شرايين قلبه

و بالفعل دخل غرفه العمليات


و ما هى الا لحظات و جاء شب مهرولا يتسأل عن يوسف

فطمئنته و قلت له انه بخير واخبرته انه لتوه دخل غرفة العمليات

و لم تمض سوى دقائق حتى اخبرتنا الممرضه بحاجه يوسف لتبرع بالدم و اخبارتنا بندره فصيله يوسف و انهم اتصلوا بالمستشفيات الاخرى لعلهم يجدوا فصيلة

فبدرتها باننا ع اتم الاستعداد بالتبرع

بالفعل و قدراً تشابة فصيلتى مع فصيلته


جلست بعد ما تبرعت له بالدم لتحدث الى ذلك الشاب الذى جاء ليسأل عن يوسف

فاخبرنى انه صديقه ف العمل

فقلت له حدثنى عنه

فلم يضف لى كثيرا حوله الا انه قال لى ما هز مشاعرى و زلزل كيانى و فسر لى شعورى نحو يوسف

فلقد اخبرنى الشاب بان يوسف اخبره انه هنا اتى من مدينه بعيده ليبحث عن ابوه بعدها اخبرته امه وهى تعالج الموت بان له اب ع قيد الحياة بمديتنا

فبادرته بالسؤال

هل هو حقا اسمه يوسف؟!

قال لى لا

اسمه الحقيقى عبد الرحمن و اخبرنى ان امه حرصت ع ان تناديه بيوسف -هكذا اخبرنى عبد الرحمن بنفسه-

و هنا دارت الارض تحت قدمى و لم افق الا بعد ساعه وما ان فقت الا وسألت عن عبد الرحمن

فعبد الرحمن هو ابنى من طليقتى التى هجرتنى يوما لفقرى و عوزى فقط فلم أستطع ان أوفر لها حياه كما كانت تحلم هى ..

اخبرونى ان عبد الرحمن قد نقل الى العنايه الفائقه ف حاله حرجه

فطلبت منهم ان يسندونى لأرأه

و سمح لى الاطباء ان ابقى بمفردى بجواره فلعلهم ادركوا انها النهايه قد اوشكت

فقبلته بين حاجبيه و نزلت منى دمعه ع وجه فرفع بصره الى كعادته راسما بسمه ع وجهه

و اشار الى جيبه بايدى متثاقله

ففهمت انه يريدنى ان اخرج له شئيا داخل جيبه

و لكن عاجلتنى تعالى اصوات الاجهره بجوارى فندفع الاطباء نحوى وطلبوا منى ان اخلى الغرفه

و ما هى الا لحظات

حتى اخبرنا الطبيب ان سيد الصمت قد خيم على المكان وان عبد الرحمن قد فارق الحياه

فطلبت ان القى نظرتى الاخيره عليه

فدخلت لاجده مستلقى ع ظهره يشع من وجه نورا مبتسما كعادته
فقبلته قبلته ثانيه

و وضعيت يدى ف جيبه لتحسسه فاذا

بصوره فيها ثلاث اشخاص

انا و هو و امه

و كتب ع خلفها



إنى أحبك يا أبى


هنا توقف قلمى عن الكتابه فما شئ اصعب من ان تلقتى بمن تحب ف اللحظه التى كتب عليهم فيها عليهم مفارقتك

اللهم اغفر لى ولوالدي و للمسلمين

ستاار

هذه قصه كتبتها قديما بعنوان (الغريب) و نأنشرها اليوم بعنوان اخر (سيد الصمت) فكم نحن نحتاج الى ان نتذكر احببابنا قبل ان يخيم سيد الصمت على مواقعنا و نفارق هذه الحياه ..

أحمد عمر

إضغط لتعرف أكثر