طيف عابر: المثقفون والتزوير! -->

نرحب بانضمامك لمجتمع "طيف عابر" ضع بريدك وسيصلك كل ماهو مفيد لك ولأسرتك إن شاء الله:
ستصلك على الفور رسالة ترحيبية بها رابط الرجاء التكرم بالضغط عليه لتفعيل اشتراكك
..... كثيرًا ما نوثن الزعيم الذي لم يُنجز إلا (الكلام) ولم يبرع إلا في أكاذيب الإعلام، وصار يدمن التغني به وبأمجاده وعبقريته ووطنيته على مدار الساعة – كما أشرت فيما مضى - وكثيرًا ما نُعلي أسماء الخونة وبائعي البلد وجالبي الهزائم الفكرية، والسياسية، والعسكرية، والحضارية! مع أن الدول المتقدمة حقًّا لا ادعاءً لا تعرف هذا المنهج مع زعمائها؛ بل تحاسبهم على الكلمة والحركة والهفوة، لكنها ربما فعلت ذلك بعد رحيله عن سدة الرئاسة، والأمثلة على ذلك وفيرة!

وليست هذه مهارتنا الوحيدة، مواهب ثقافية أخرى، تدل على توازننا الفكري، وصواب رؤيتنا الحضارية!

فأكثرنا أصحاب أحكام كلية، تعميمية، لا تستثني ولا ترفق، فإذا غضبنا من أحد لم نر فيه حسنة واحدة، وجعلناه شيطانًا يمشي في الناس، وإذا أحببنا أحدًا جعلنا منه ملاكًا معصومًا، غير قابل للخدش ولا للاقتراب أو التصوير! وصيرناه خير خلق الله، وأكملهم، وأجملهم، حتى لو كان (شكلي كدا)!

وأعني هنا الأحكام التي تصدر عن كثير من المثقفين والكتبة والمفكرين، وجاوبني حضرتك: ألا يضع كثير من المتعلمنين والمتلبرلين والمتغربين الإسلام وما يمت له في سلة (زبالة) واحدة؟ فلا يرون فيها خيرًا، ولا عقلاً، ولا عطاءً، ولا قيمة!؟

ألا ينكرون علي الإسلاميين مجرد مطالبتهم بالإسلام، ورغبتهم في العيش به، حتى لو جاء بالدستور، أو بالانتخاب، أو بالاختيار، أو من خلال حقوق البتاع!؟

ألا يصمونهم بكل أنواع الإهانة، ويستعدون عليهم السلطات، ويستعينون لمقاومتهم بالأنكل السام، والأخ سكسون، ونصارى المهجر، وعفاريت الدنيا والقبضات الحديدية!؟ ألا (يجرسونهم) في الخارج من خلال صور نمطية ملفقة لشخصيات (فيرشوال) خارقة القوة، زي ابن لادن، والظواهري، والملا عمر، وزكي جمعة!؟

ومن (إنصاف) بعض مثقفينا، و(عظمة) تفكيرهم أنهم أساتذة في تشويه بلدهم، وجلد تاريخهم، وسلب حضارتهم فضائلها، وطمس المبدعين وأهل العطاء الحقيقيين، فما أكثر ما قدم الجهابذة الحمر الذين كتبوا تاريخنا المعاصر العثمانيين العظماء كلهم على أنهم متخلفون جائرون بلهاء (آمان ربي آماااان)! والمماليك كلهم على أنهم مجموعة مرتزقة عملاء متعالين (فلاح سيس خرسيس) والأيوبيين على أنهم – فقط – صلاح الدين والباقي لأ، والعباسيين بناة الحضارة كلهم على أنهم ضعفاء، وخمارون، ونسوانجية! والأمويين المؤسسين العظماء على أنهم ملفقون للدين وتجار مصالح! والخلفاء الراشدين الأنقياء على أنهم دنيويون متهافتون! والسيرة الغراء على أنها مجموعة نزوات وغزوات؛ دون أي عطاء حضاري، أو أخلاقي، أو قيمي، أو سلوكي!

بل وصلوا إلى إنكار السنة الشريفة، ووصم السيرة العطرة، وضرب الوحي، وإهانة الدين الذين لم يقرؤوه، ولم يعرفوه؛ فضلاً عن أن يعيشوه!

ولقد اعتبروا (من شدة إنصافهم) حملات نابليون الصليبية الاستعمارية التي أهينت فيها مصر والشام، بداية التنوير والتحرير، والتثوير والتطوير، واحتفلوا بها ، واهتموا لها، كأن ابن بونابرطة جاء محررًا، يحمل رسالة العدالة والنور والعدالة والسلام.. وكأن (المصلحين الكبيرين) كليبير ومينو جاءا بالسماحة والحرية وحقوق الإنسان، تمامًا على طريقة كرزاي وعلاوي والمالكي وقديروف والمعلم يعقوف!

هل تعرف كيف قَتل هؤلاء الغزاة المتحضرون المستنيرون سليمان الحلبي رحمه الله!؟

لقد حكموا عليه حكمًا شديد الرحمة، بالغ الرقي والاستنارة:

•    أن تقطع أمام عينيه رؤوس رفاقه الأزهريين، الذين عرفوا بالمؤامرة، ولم يبلغوا الفرنسيين بها!

•    ثم تحرق يمناه التي أمسكت بالخنجر.. وهو حي..

•     ثم يوضع على خازوق حديدي مسنن، ينفذ من أسفله حتى يموت موتًا بطيئًا، ويبقى على الخازوق حتى يأكل الطير جثمانه! دون دفن، ودون إنسانية..

وقد ظل على تلك الحال أربع ساعات، حتى خرجت روحه لبارئها الرحمن الرحيم!

ما أعظم ما جاءت به الحملة الفرنسية من حضارة! وما أعدل مثقفينا المروجين لها!

ثم إنهم قبل ذلك اعتبروا التاريخ الفرعوني مجدًا تليدًا؛ وفخرًا عتيدًا، رغم أن الفناعرة كان يعبدون الخنافس والكباش والثعابين، ويقدسون الفرعون ابن الإله آمون، ويعيشون السخرة والعبودية بأشنع صورها! بس عندهم برضه أحسن من الإسلام!

فلا تستغرب أن يتحدثوا بإجلال وتشامخ كبيرين عن حورس ورع وحابي، ونفرتيتي وإيزيس، ويستنكفوا أن يذكروا الصديق وعائشة، وعمر وخالدًا، والأمويين والعباسيين، والمماليك والعثمانيين!

ولا تستغرب أن يعتبروا الاحتلال الروماني القاسي المادي الكنود، عابد الجسد، متعدد الآلهة، مكرس العبودية، حضارة كبيرة وعظيمة، جديرة بالتمجيد والإعظام! وأن يكون أحسن عندهم من الإسلام ألف مرة!

وأن يتحدثوا بانبهار عن المدرجات الرومانية والأباطرة، وأفلاطون وسقراط، والإلياذة والإنيادة، ويشمئزوا حين يسمعون عن القرآن والمتون، واسم ابن رشد وابن خلدون، والفاتح وقلاوون!

وأما لصوص الآثار وناهبوها وناقلوها إلى لندن وباريس وعواصم أوربا فهم عندهم سادة باحثون، وشرفاء متحضرون، ذوو أياد بيض على مصر وحضارتها؛ خصوصًا الحرامي شامبليون!

وأما الاستشراق الاستعماري - بأنواعه: الديني والاجتماعي والفني والثقافي – ذلك الذي مهد لمجيء الحملات الاستحمارية إلى العالم العربي كله، فثقافة وتنوير، وإبداع وتطوير!

إن التزوير يا سيدي فن بات يتقنه كثير من الساسة والمثقفين.. التزوير بمعناه الحرفي المباشر (ملء الزور) وإطعام الفم لتنكسر العين؛ واسأل يساريين تأمركوا وتأوربوا وتأسرلوا!

والتزوير الذي هو قلب الحق باطلاً وتزيينه، وقلب الباطل حقًّا وتجميله، بحيث ترى البلاء نعمة، وتعتقد الحق شرًّا ونقمة! ترى الحجاب تخلفًا ورجعية، والعري تحضرًا ومدنية، ترى الطغيان عدلاً من السيد الوهّاب، وترى العدل (خسارة في جتة الشعب) وغير مناسب للناس (لأنهم غير مؤهلين له).. ترى المصلي متطرفًا والرقاص متعففًا!

إنهم يتقنون تزوير الحقائق، وتزوير التاريخ، وتزوير القانون، ووتزوير الأحكام، والعبث بإرادة الشعب، ليفرضوا عليه ما يضر!

إنهم يتفننون في تزوير الأصوات، ليتمكن عديم الشرف والضمير، ولينقمع الحر النبيل!

ويتفننون في استخدام وسائل التزوير: الإعلام، والفلوس، والترويع، والبلطجية، والمخدوعين، والانتهازيين، والخائفين، والساكتين!

لكن هل يمكنهم أن يزوروا على الله تعالى؟

هل يغفل الله عنهم أم إنه تعالى يملي لهم، ويستدرجهم، وينيمهم حتى إذا ظنوا أنه غافل عما يعملون، جعلهم سلفًا ومثلاً، وعظة وعبرة، وفضحهم في الأولى والآخرة!؟

___________

في قصيدته البديعة (ما أصعب الكلام) رثا أحمد مطر (ناجي العلي) غامزًا المثقفين المتلونين، فقال:

اصعـدْ، فموطنك السّماءُ، وخلِّنا.....في الأرضِ، إن الأرضَ للجبناءِ

مِمّن يرصّونَ الصُّكوكَ بزحفهم.....ويناضلونَ برايةٍ بيضاءِ

ويُسافِحونَ قضيّةً من صُلبهم.....ويُصافحونَ عداوةَ الأعداءِ

ويخلِّفون هزيمةً، لم يعترفْ.....أحدٌ بها.. من كثرة الآباءِ !

اصعَـدْ فموطنك المُـرّجَى مخفرٌ.....متعددُ اللهجات والأزياءِ

للشرطة الخصيان، أو للشرطة.....الثوار، أو للشرطة الأدباءِ

أهلِ الكروشِ القابضين على القروشِ.....من العروشِ لقتل كلِّ فدائي

الهاربين من الخنادق والبنادق.....للفنادق.. في حِمى العُملاءِ

القافزين من اليسار إلى اليمين.....إلى اليسار إلى اليمين كقفزة الحِرباءِ

المعلنين من القصورِ قصورَنا.....واللاقطين عطيّةَ اللقطاءِ

ولمنْ يَرصُّونَ السلاحَ، وحربُهمْ.....حبٌّ، وهم في خدمة الأعداءِ

هي أوجهٌ أعجازُها منها استحتْ.....والخِزْيُ غطَّاها على استحياءِ

لمثقفٍ أوراقُه رزمُ الصكوكِ.....وحِبْرُهُ فيها دمُ الشهداء

ولكاتبٍ أقلامُهُ مشدودةٌ.....بحبال صوت جلالةِ الأمراء

ولناقدٍ "بالنقدِ" يذبحُ ربَّهُ.....ويبايعُ الشيطانَ بالإفتاءِ

ولشاعرٍ يكتظُّ من عَسَـلِ النعيمِ.....على حسابِ مَرارةِ البؤساءِ

ويَجـرُّ عِصمتَه لأبواب الخَنا.....ملفوفةً بقصيدةٍ عصماءِ!

ولثائرٍ يرنو إلى الحريّةِ.....الحمراءِ عبرَ الليلةِ الحمراءِ

ويعومُ في "عَرَقِ" النضالِ ويحتسي.....أنخابَهُ في صحَة الأشلاءِ
المصدر : صحيفة المصريون بتاريخ 16-6-2011 للكاتب  عبد السلام البسيوني


4 تعليق على"المثقفون والتزوير!"

  • شكرا لك على المقال
    يمكن بالفعل الخلاصة في الختام
    واجمل ما قيل هو انهم الان يزورون كل شيء من اجل حياة فانية فهل سيستطيعون التزوير والكذب امام الله سبحانه وتعالى
    استغرب ان كان هؤلاء يؤمنون اصلا بالموت
    جزاك الله خيرا
    كنت هنا :)

  • من شموخ1 //

    قررت أن أنعض عليك أيضا هنا أيها المتطرف المحابي للنساء،،

    فلتتحمل أيها المحابي للنساء تنغيصي .. كما كنت تنغص علي في المنتدى الذي طهره الأعضاء منك لترضي النساء أيها المحابي !!

  • شموخ1 //

    سأضل متابع لجميع ما تنشره عبر الشبكة العنكبوتية أيها المحابي للنساء .
    و سأضل أواصل التنغيص عليك // حتى أشفي غليلي منك و من ظلمك الذي كنت أتألم منه سنين طويلة !!

  • من شموخ 1
    ====
    أنا لا أقصد بمشاركاتي أعلاه الوالدهـ و الأخت الكبرى سما الإسلام /// لا و الله ،، بل إني أكن لها الإحترام و التقدير ،،

    بل أقصد المتطرف/ و المحابي للنساء المدعو/ أحمد عمر

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )

عزيزى الزائر .. أن لم يكن لديك الوقت الكافى لتسجيل الدخول أو لم يكن لديك حساباً فى blogger فيمكنك ببساطه التعليق عبر أستخدام خاصيه (مجهول) أو ( الاسم \ العنوان ) من القائمه المنسدله أسفل مربع التعليق .. علماً بننا يمهمنا كثيراً سماع رأيك مقدرين كثيراً وقتك الذى منحتنا اياه لقرائتك سطورنا :)